طلحة بن عبيد الله
منزلة طلحة بن عبيد الله
هو طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشي التيمي ، يكنى أبا محمد ، ويعرف بطلحة الخير ، وطلحة الفياض . وهو أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله بالجنة ، وأحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام ، وأحد الخمسة الذين أسلموا على يد أبي بكر ، وأحد الستة أهل الشورى الذين تُوُفِّي رسول الله وهو عنهم راضٍ ، وأحد الذين كانوا مع رسول الله على الجبل فتحرَّك بهم .
كان طلحة بن عبيد الله رجلاً آدم ، حسن الوجه، كثير الشعر، ليس بالجعد القطط، ولا بالسبط . وأمه الصعبة بنت الحضرمي ، وقد أسلمت وهاجرت ، وعاشت بعد ابنها قليلاً .
متى ولد طلحة بن عبيد الله؟ ومتى أسلم؟
ولد سنة 28 قبل الهجرة ، وأسلم في بدايات الدعوة الإسلامية ، فهو أحد الثمانية السابقين إلى الإسلام .
قصة إسلام طلحة بن عبيد الله
عن إبراهيم بن محمد بن طلحة قال : قال لي طلحة بن عبيد الله : حضرت سوق بُصرى فإذا راهب في صومعته يقول : سلوا أهل هذا الموسم، أفيهم أحد من أهل الحر م؟ قال طلحة بن عبيد الله : قلت : نعم ، أنا . فقال : هل ظهر أحمد بعدُ؟ قال: قلت : ومن أحمد ؟ قال: ابن عبد الله بن عبد المطلب، هذا شهره الذي يخرج فيه، وهو آخر الأنبياء ، مخرجه من الحرم ، و مهاجره إلى نخل وحرة وسباخ ، فإياك أن تسبق إليه .
قال طلحة بن عبيد الله : فوقع في قلبي ما قال ، فخرجت سريعًا حتى قدمت مكة ، فقلت : هل كان من حدث؟ قالوا : نعم ، محمد بن عبد الله الأمين تنبَّأَ ، وقد تبعه ابن أبي قحافة . قال : فخرجت حتى دخلت على أبي بكر ، فقلت : أتبعت هذا الرجل ؟ قال : نعم ، فانطلقْ إليه فادخلْ عليه فاتّبعه ؛ فإنه يدعو إلى الحق . فأخبره طلحة بما قال الراهب ، فخرج أبو بكر بطلحة فدخل به على رسول الله ، فأسلم طلحة وأخبر رسول الله بما قال الراهب ، فسُرَّ رسول الله بذلك.
ولم يشهد طلحة بن عبيد الله غزوة بدر؛ وذلك أن رسول الله كان وجَّهه وسعيد بن زيد رضي الله عنهما يتجسسان خبر العير فانصرفا ، وقد فرغ رسول الله من قتال من لقيه من المشركين ، و لكنه شهد غزوة أحد وما بعدها من المشاهد مع رسول الله .
كرم طلحة بن عبيد الله
أكرم العرب في الإسلام طلحة بن عبيد الله ، جاء إليه رجل فسأله برحم بينه وبينه ، فقال : "هذا حائطي (بستاني) بمكان كذا وكذا ، وقد أعطيت فيه مائة ألف درهم ، يراح إليَّ بالمال العشية ، فإن شئت فالمال ، وإن شئت فالحائط ".
وقال قبيصة بن جابر: صحبت طلحة بن عبيد الله ، فما رأيت رجلاً أعطى لجزيل مالٍ من غير مسألة منه .
طلحة بن عبيد الله يوم أحد
لما كان يوم غزوة أحد أبلى فيه طلحة بن عبيد الله بلاءً حسنًا ، وبايع رسول الله على الموت، وحماه من الكفار، واتّقى عنه النبل بيده حتى شلِّت أصبعه، ووقاه بنفسه .
مواقف من حياة طلحة بن عبيد الله مع الرسول :
أنا لها يا رسول الله
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَوَلَّى النَّاسُ ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ فِي نَاحِيَةٍ فِي اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ، وَفِيهِمْ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ ، فَأَدْرَكَهُمْ الْمُشْرِكُونَ ، فَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ ، وَقَال َ: " مَنْ لِلْقَوْمِ ؟ " فَقَالَ طَلْحَةُ : أَنَا . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " كَمَا أَنْتَ " . فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ . فَقَالَ: " أ َنْتَ ". فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا الْمُشْرِكُونَ ، فَقَالَ : " مَنْ لِلْقَوْم ِ؟ "
فَقَالَ طَلْحَةُ : أَنَا . قَالَ : " كَمَا أَنْتَ ". فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: أَنَا . فَقَالَ : " أَنْتَ ". فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَلِكَ وَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَيُقَاتِلُ قِتَالَ مَنْ قَبْلَهُ حَتَّى يُقْتَلَ، حَتَّى بَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " مَنْ لِلْقَوْمِ ؟ " فَقَالَ طَلْحَةُ : أَنَا . فَقَاتَلَ طَلْحَةُ قِتَالَ الأَحَدَ عَشَرَ حَتَّى ضُرِبَتْ يَدُهُ فَقُطِعَتْ أَصَابِعُهُ ، فَقَالَ : حَسِّ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " لَوْ قُلْتَ بِاسْمِ اللَّهِ لَرَفَعَتْكَ الْمَلاَئِكَةُ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ "، ثُمَّ رَدَّ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ .
بشارته بالشهادة
عن أبي هريرة أن رسول الله كان على حراء هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير، فتحركت الصخرة ، فقال رسول الله : " اهْدَأْ، فَمَا عَلَيْكَ إِلاَّ نَبِيٌّ أَو صِدِّيقٌ أَو شَهِيدٌ ".
بعض المواقف من حياته مع الصحابة :
طلحة بن عبيد الله مع علي بن أبي طالب
عن رفاعة بن إياس الضبي ، عن أبيه ، عن جده قال : كنا مع عليٍّ يوم الجمل ، فبعث إلى طلحة بن عبيد الله أنِ الْقِني ، فأتاه طلحة ، فقال : نشدتك الله ، هل سمعت رسول الله يقول : " من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والِ من ولاه وعادِ من عاداه ؟" قال : نعم . قال : فلِمَ تقاتلني ؟ قال : لم أذكر . قال : فانصرف طلحة.
طلحة بن عبيد الله مع أبي بكر الصديق
دخل طلحة بن عبيد الله على أبي بكر ، فقال : استخلفت على الناس عمر، وقد رأيت ما يلقى الناس منه وأنت معه ، فكيف إذا خلا بهم وأنت لاقٍ ربك فسائلك عن رعيتك ؟ فقال أبو بكر - وكان مضطجعًا -: أجلسوني . فأجلسوه ، فقال لطلحة : أبالله تخوِّفني ؟! إذا لقيت الله ربي فساءلني ، قلتُ : استخلفتُ على أهلك خير أهلك .
أثر طلحة بن عبيد الله في الآخرين
روى عن رسول الله ، وروى عنه بنوه يحيى وموسى وعيسى بنو طلحة ، وقيس بن أبي حازم، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، ومالك بن أبي عامر الأصبحي ، والأحنف بن قيس .
طلحة بن عبيد الله المعلم والقدوة
عن موسى بن طلحة بن عبيد الله ، عن أبيه ، قال : كنا نصلي والدواب تمرُّ بين أيدينا ، فذكرنا ذلك لرسول الله ، فقال: " مِثْلُ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ تَكُونُ بَيْنَ يَدَيْ أَحَدِكُم ْ، ثُمَّ لاَ يَضُرُّهُ مَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْه ِ".
من كلمات طلحة بن عبيد الله
عن طلحة بن عبيد الله قال : " لقد أُعطي ابن عباس فهمًا لقنًا وعلمًا ، وما كنت أرى عمر يقدم عليه أحدًا ".
وقال : " إنا لنجد بأموالنا ما يجد البخلاء ، لكننا نتصبر".
وقال أيضًا : " الكسوة تُظهِر النعمة ، والدهن يذهب البؤس ، والإحسان إلى الخادم يكبت الأعداء ".
وفاة طلحة بن عبيد الله
قُتل طلحة بن عبيد الله يوم موقعة الجمل سنة 36هـ ؛ وذلك لما قرَّر الانسحاب من المعركة ، بعدما أخبره عليٌّ بحديثٍ لرسول الله كان قد نسيه . يقال : رماه مروان بن الحكم بسهمٍ ، فأرداه قتيلاً .